Monday, August 11, 2008

آسف على الازعاج



يعود حلمى هذا العام بفيلم غير نمطى , يختلف به ليس فقط عما اعتاده جمهوره منه و انما عما يقدم فى السينما المصرية من أفلام


يحكى الفيلم باختصار عن شاب طموح , ذكى يحمل مشروعا شديد الأهمية فى مجال هندسة الطيران و لا يجد أى دعم أو مساندة , فيصاب بحالة من الاحباط المصاحبة بنوع من " الفصام" يكتشفه فى النهاية بعد أن صاحبه المشاهد خلال رحلته مع هذا المرض النفسى الى أن يتم شفاؤه منه و يقبل مشروعه

لا يعد الفيلم مجرد طرح لفكرة " المشروع العبقرى",و ذلك الملف الذى يظل حبيس الأدراج الى أن يأتى من يؤمن به , كما أنه لا يدور حول فكرة عدم اهتمام هذا البلد بالقدرات الخاصة . و الطاقات المتميزة و التسبب فى اصابة الفئة المميزة من الشباب بالاحباط أو الهجرة , بل ان الفيلم يتضمن ذلك كله و يغلفه- هذا القالب الشهير و الذى سبق و ان شاهدناه من قبل - فى اطار انسانى شامل , ليطرح بذلك عدة أفكارجديدة تهم الانسان بصفة عامة ورحلته فى البحث عن ذاته ..

الغربة و الغرابة


يبدأ الفيلم برسم نموذج غريب لشاب طموح يقابل مشكلات فى عمله فيواجهها بارسال جوابات لرئيس الجمهورية فى سذاجة مقصودة , حيث أن البطل بكل أفعاله يرى ما حوله غريبا بينما لا يرى نفسه كذلك..و من هنا تأتى الفكاهة فى هذا الفيلم غير أنها "غير مقصودة" , فالفيلم لا يسعى بأى جهد للضحك أو الفكاهة , و انما تخرج من البطل العديد من الجمل الاستنكارية فى مواجهة الجمل المحفوظة و ردود الأفعال النمطية المألوفة ,و العبارات المككرة والتى تظهر فى شكل الدعابة الذكية
, فى دعوة الى الاختلاف
و البحث عما هو جديد و حقيقى


يواجه هذا الشاب غريب الأطوار المجتمع الذى لا يقبل غير المألوف ليجمده و يضعه فى قالب محدد, فيرفض بدوره أن يكون غير ما هو عليه, فى اصرار منه على حريته و تحد لكل ما يضع حدود لارادته فنجده يرفض خوف أمه عليه و اصراره على شراء الدراجة
البخارية..رافضا بذلك حالة الرعب التى تبثها أمه بداخله ..عبر عنها السيناريو فى حرفية هائلة فى مشهد رؤية الدراجة عبرزجاج نافذة المحل" و الربط بين صوت ضابط الأمن وأمه كدليل على كل ما يقيد حرية الانسان
يعيش البطل نتيجة لذلك وحدة تصل الى حد الغربة , لا يخفف حدتها غير الفتاة التى أحبها و التى يرفض مجرد غيابها عن حياته حتى لا يعود وحيدا مرة أخرى

الوهم و الحقيقة
تأتى الدراما فى الفيلم عندما يكتشف البطل- و المشاهد معا- أن بعض الأحداث هى من محض خيال البطل , و بعض الشخصيات انعدم وجودها فى الواقع و لكنها ما زالت تحيا فى مخيلته, فيجسدها امامه و يتفاعل معها , بينما يفقد شيئا فشيئا التفاعل مع الواقع و المجتمع المحيط به فيما يسمى " بالسكيزوفرنيا"


الجميل فى هذه الفكرة و التى اشتهر بها العباقرة أشهرهم " جون ناش" العالم الاقتصادى الشهير , الذى عرضت قصة معاناته مع هذا المرض فى فيلم" العقل الجميل"- أن الشفاء من هذا المرض لا يأتى الا بمحاولة الانسان لتقبل الخيال على أنه واقع , و الوهم على أنه حقيقة , و يتواءم مع ذاته بما فيها من حسى و ملموس, أو بمعنى آخر بما فيها من مادية و روحانية
عندما يرفض الانسان أن يقبل الواقع لقسوته فيعيش مع عالم من نسج خياله ..تلك هى حالة الفصام ,التى تجعل الانسان لا يستطيع أن يصل الى حقيقة الاشياء... و الحقيقة لاتأتى الا برضى الانسان بما قد يصيبه من مشكلات يعجز فى التكيف معها و الاصرار على المضى قدما بكل ما يملك من ارادة فى مواجهة عجزه أمام القدر

الصدق و الحقيقة
كما لا يصل الانسان الى الحقيقة الا بأن يرضى بالوهم و الواقع معا ..ولا يصل الى تحديد مكانه وذاته الملموسة الا بأن يتم له ذلك , فانه أيضا لا يصل الى حقيقة نفسه
و معرفة روحه الا بالصدق معها
فنجد المشاهد يدخل مع البطل فى تجربته لتحرى الصدق , و محاولة الضحك , و البكاء ..عندما تسأله فتاته لماذا لا يضحك ؟ ...يحاول أن يختار لنفسه ابتسامة , غير أنها لا تأتى أبدا الا أذا كانت صادقة أو عندما يذهب لرفيق القهوة ليجعله يبكى , فيبكى كل الناس ما عدا هو
....
و هنا يحاول الفيلم أن يبرز تلك المفارقة بين ذات الانسان و مشاعره...بين ماديته و روحانيته...فاذا كانت ارادة الانسان لا بد منها لتشكيل وعيه و ادراكه و تحديد مصيره
فان الارادة لا سلطان لها على مشاعره التى لا تأتى الا بالصدق , فتتسلل الى النفس و تتمكن منها ...و هنا يصير البطل الذى كان فى البداية غير قادر على الضحك , يبكى و يضحك و يحب
......
فيلم " آسف على الازعاج" فيلم يبدأ ا بصيغة الاعتذار فى محاولة لبدأ مرحلة من التسامح و المصالحة مع النفس و الوصول الى السلام ليس فقط بين الفرد
و المجتمع بل بين الانسان و ذاته

Sunday, August 3, 2008

استراحة غداء

اليوم لم ترغب فى أن تقضى استراحة الغداء معهم...آثرت أن تبقى فى المكتب..زهدت فى صفحات الانترنت و مراقبة المارة من النافذة , فتحت المصحف لتقرأ ... تتساءل أين توقفت آخر مرة
بسم الله الرحمن الرحيم
"يأيها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شىء عظيم,يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت و تضع كل ذات حمل حملها و ترى الناس سكارى و ما هم بسكارى و لكن عذاب الله شديد

تراه يقف خلف الزجاج يستاذن فى الدخول..تشير له أن يتفضل و تكمل فى سرها " صدق الله العظيم
ما هذا ..تقرأين القران؟

نعم..
-كانت تحاول الابتسام و نجحت
رمقها بتلك النظرة الماكرة- اذا أردت أن تقضى استراحة الغذاء فى القراءة , عليك بقراءة ما ينفعك , لا وقت لاهداره فى
ما لا يفيد
أمازلت لا تصدق اننى أتعلم الأن ؟ -
I’m even taking notes

كيف تجدين فى هذا الكتاب ما ينفع؟ انه كتاب عنف و ارهاب , لا يزيدك الا توترا , اذا أردت السلام فابحثى عنه حيث الصفاء و النقاء و الروحانية

فى رأيك أين الصفاء و النقاء؟ -
اقرئى تعاليم بوذا
It’s the book

القرأن ليس بكتاب عنف , كما أن الحياة ليست مزيجا من الصفاء و النقاء...الواقع و الحقيقة غير ذلك -
و أجده فى القرأن

لن تجدي فى القرأن ما ينفع باى حال, سلام -

سلام -

أطلقت زفرة , و شعرت براحة حيث أغلق الباب خلفه و خرج.
أين توقفت آخر مرة؟...،نعم هنا...

بسم الله الرحمن الرحيم
و من الناس من يجادل فى الله بغير علم و يتبع كل شيطن مريد.
كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله و يهديه الى عذاب السعير.
يأيها الناس ان كنتم فى ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة و غير مخلقة لنبين لكم و نقر فى الأرحام ما نشاء الى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم و منكم من يتوفى و منكم من يرد الى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا و ترى الأرض هامدة فاذا أنزلنا عليها الماء اهتزت و ربت و أنبتت من كل زوج بهيج.
ذلك بأن الله هو الحق و أنه يحى الموتى و أنه على كل شىء قدير.

اتسعت ابتسامتها , شعرت و كأن الأيات تتنزل فى تلك الساعة, فى تلك اللحظة , و ما كان دخوله الا لتزداد نفعا و علما . كانت دائما تحاول أن تتجنب الحوار معه , حيث لا هدف و لا غاية غير الجدال.
هى بامكنها أن تقرأ تعاليم بوذا..كما بامكانه أن يقرأ القرأن ... أما الفهم ..العلم..الهداية...فهو فتح من الله ..
فضله , يؤتيه من يشاء , و الله ذو الفضل العظيم.

اهداء الى يصبحك بنعيم الله"http://www.hartalab4sleeping.blogspot.com/
الأيات من 1 الى 6 من سورة الحج"