يحكى الفيلم باختصار عن شاب طموح , ذكى يحمل مشروعا شديد الأهمية فى مجال هندسة الطيران و لا يجد أى دعم أو مساندة , فيصاب بحالة من الاحباط المصاحبة بنوع من " الفصام" يكتشفه فى النهاية بعد أن صاحبه المشاهد خلال رحلته مع هذا المرض النفسى الى أن يتم شفاؤه منه و يقبل مشروعه
لا يعد الفيلم مجرد طرح لفكرة " المشروع العبقرى",و ذلك الملف الذى يظل حبيس الأدراج الى أن يأتى من يؤمن به , كما أنه لا يدور حول فكرة عدم اهتمام هذا البلد بالقدرات الخاصة . و الطاقات المتميزة و التسبب فى اصابة الفئة المميزة من الشباب بالاحباط أو الهجرة , بل ان الفيلم يتضمن ذلك كله و يغلفه- هذا القالب الشهير و الذى سبق و ان شاهدناه من قبل - فى اطار انسانى شامل , ليطرح بذلك عدة أفكارجديدة تهم الانسان بصفة عامة ورحلته فى البحث عن ذاته ..
الغربة و الغرابة
, فى دعوة الى الاختلاف
و البحث عما هو جديد و حقيقى
يواجه هذا الشاب غريب الأطوار المجتمع الذى لا يقبل غير المألوف ليجمده و يضعه فى قالب محدد, فيرفض بدوره أن يكون غير ما هو عليه, فى اصرار منه على حريته و تحد لكل ما يضع حدود لارادته فنجده يرفض خوف أمه عليه و اصراره على شراء الدراجة
يعيش البطل نتيجة لذلك وحدة تصل الى حد الغربة , لا يخفف حدتها غير الفتاة التى أحبها و التى يرفض مجرد غيابها عن حياته حتى لا يعود وحيدا مرة أخرى
الوهم و الحقيقة
تأتى الدراما فى الفيلم عندما يكتشف البطل- و المشاهد معا- أن بعض الأحداث هى من محض خيال البطل , و بعض الشخصيات انعدم وجودها فى الواقع و لكنها ما زالت تحيا فى مخيلته, فيجسدها امامه و يتفاعل معها , بينما يفقد شيئا فشيئا التفاعل مع الواقع و المجتمع المحيط به فيما يسمى " بالسكيزوفرنيا"
الصدق و الحقيقة
كما لا يصل الانسان الى الحقيقة الا بأن يرضى بالوهم و الواقع معا ..ولا يصل الى تحديد مكانه وذاته الملموسة الا بأن يتم له ذلك , فانه أيضا لا يصل الى حقيقة نفسه
و معرفة روحه الا بالصدق معها
فنجد المشاهد يدخل مع البطل فى تجربته لتحرى الصدق , و محاولة الضحك , و البكاء ..عندما تسأله فتاته لماذا لا يضحك ؟ ...يحاول أن يختار لنفسه ابتسامة , غير أنها لا تأتى أبدا الا أذا كانت صادقة أو عندما يذهب لرفيق القهوة ليجعله يبكى , فيبكى كل الناس ما عدا هو
و هنا يحاول الفيلم أن يبرز تلك المفارقة بين ذات الانسان و مشاعره...بين ماديته و روحانيته...فاذا كانت ارادة الانسان لا بد منها لتشكيل وعيه و ادراكه و تحديد مصيره
فيلم " آسف على الازعاج" فيلم يبدأ ا بصيغة الاعتذار فى محاولة لبدأ مرحلة من التسامح و المصالحة مع النفس و الوصول الى السلام ليس فقط بين الفرد
و المجتمع بل بين الانسان و ذاته