Tuesday, April 1, 2008

يسرى و أسماك الجنينة


الفن فى ذاته ابداع , و لكل ابداع شكل و قالب يزينه و يبرز محتواه.فنجد الشعر و النثر,القصة و الرواية ,كذلك الفيلم السينمائى فهو اطار يظهر من خلاله رؤية مخرج و أداء ممثلين عدسات مصور


لعل أول ما أخفق فيه يسرى نصر الله ,مخرج فيلم "جنينة الأسماك" هو اختياره لتقديم فيلم أقرب ما يكون الى التسجيلى فى شكل فيلم روائى طويل. و لا أقصد هنا طول أو قصر مدة الفيلم و انما أعنى غياب المتعة الفنية و تسلل الملل فى معظم مشاهد الفيلم حيث الاعتماد على السرد و المونولوج ,و اللقطات القصيرة و الاهتمام بالتفاصيل البسيطة

يحكى الفيلم ببساطة عن "ليلى" مذيعة بالراديو لبرنامج " أسرار الليل" تتلقى فيه اتصلات هاتفية لسماع حكايات و أسرار الناس و بعض مشكلاتهم,و"يوسف" طبيب التخدير الذى بدوره يعشق سماع اعترافات المرضى و هم فى تلك اللحظة ما بين النوم و اليقظة,و يتم اللقاء بينهما بمحض الصدفة , حيث يتصادف أيضا تشابه كبير بين الشخصيتين ويجمع معهم و باقى الأبطال فكرة الفيلم المحورية " الخوف


الخوف الاجتماعى كمرض يصيب أفراد المجتمع فتتجلى أعراضه , " الزيف و النفاق" فى أكثر من صورة نشاهدها يوميا و تركز عليها عدسات يسرى نصر الله منذ بداية الفيلم , فنجد المقابلة بين الحجاب و الاختلاط, فى مشاهد الثنائيات الشبابية على كبارى القاهرة, و بين القانون و الرشوة, الرقابة و الابتزاز فى أكثر من مشهد لتثبيت و تأصيل المعنى


لم يظهر الخوف فى هذا الفيلم بمعناه التقليدى , الخوف من شىء ما, سلطة , قوة,عادات و تقاليد ...كان الخوف مجردا حتى من أسبابه!!...أنه الخوف لدرجة التخفى !! و مهما دامت الأقنعة فما زال دائما البحث عن مكان رحب يستطيع فيه شخصيات الفيلم التعبير عن ذاتهم و التحلى بالسيطرة الكاملة و السلطة المطلقة حتى لو كان هذا العالم هو لحظات الاعترافات المهداه من مستمعى برنامج اذاعى , أو مرضى تحت تأثير المخدر


يركز الفيلم على الليل , بوصفه رمز الجانب المظلم المتخفى من حقيقة كل انسان , الليل كحامل للأسرار ووقت التخلص من القيود.فيظهر الجانب الخفى من المذيعة التى تستمع لمشكلات الناس و لا تجد من يسمعها, تشعر بوحدة قاتلة تجعلها على علاقة برجل مسن يحاول التحرش بها , أما " يوسف" فهو يسمع مرضاه بعد تخديرهم و يهمل أباه المريض , يعمل بالطب نهارا و ليلا فى عيادة مشبوهة للاجهاض!!

الفيلم يشرح بواقعية شديدة المجتمع المصرى بمرضه و عرضه , و من ثم لا يهمل أبدا كافة أفراد المجتمع من شباب و أطفال و شيوخ, أرامل و مطلقات ,أغنياء و فقراء, شرطة و مدنيين و بالطبع المسيحيين و

المسلمين

!
فنجد " مارجريت" صاحبة عقار , الأرملة المسيحية تحكى عن نفسها و تنفى احساسها بالخوف على أنها تعبر بصدق عن حالة من القلق و الرعب الكامن التى تخفيها و ترفض الاعتراف بها.

عبر يسرى نصر الله عن الأفكار التى يتناولها الفيلم من خلال ثلاث رموز : السمك : بوصفه رمز التخفى تحت الماء , و العصفور: بوصفه رمز الحرية , الدجاج: بوصفه تجسيد لحالة الهلع عند المصريين على ذكر" انفلوانزا الطيور"
يعتبر الفيلم غير جماهيرى , ليس لأن الغالبية العظمى تفضل غير هذا النوع من الأفلام و لكن لأن الفيلم ينقصه أدوات الفن السينمائى الممتع, فما غاب عنه أفقد متعة ما ظهر فيه , حيث سيطر على الفيلم ايقاع

بطىء رتيب ساعد عليه تكرار بعض الحوارات و المشاهد فى غير ضرورة سينمائية

كما أن اعتماد يسرى نصر الله على المونولوج الذاتى لشخصيات الفيلم كلغة سينمائية جديدة ,بدا غريبا على مشاهدى السينما , و فى رأى أنه مقبول فى فيلم تسجيلى , لكن للفيلم الروائى عدة أدوات أخرى أكثر حيوية


جنينة الأسماك" , فيلم جدير بالمشاهدة وان بدا أن معظم عناصر العمل فى هذا الفيلم تستطيع البذل بأكثر مما جادت به , غير أن توقيت الفيلم فى توجيه تلك الرسالة فى غاية الأهمية حتى و ان خلا من بعض المتعة الفنية




2 comments:

Babyblue said...

بصى يا ستى ... أنا متفقة معاكى فى كل حاجة الا موضوع المونولوج ده زى ما
قلتك
ده أكتر حاجة عجبتنى فى الفيلم اصلاً ... حسيت انى واقفة مع الممثلين بنتناقش فى "ورق" الشخصية بلغة أهل السيما يعنى
:P
حسيت انهم بيدونى فرصة أغوص بنفسى جوة الشخصية وأحس بأحساسيها شوية ... ألبسها ... عجبنى الموضوع ده قوى بالذات فى شخصية مارجريت ... رغم انه دور صغير فى مشهد واحد لم يتعد 3 دقائق ... لكن سماح أنور كانت استاذة حقيقى ... قدرت تعمل انعكاس واضح وبسيط لشخصية "بتحاول" تقنع نفسها انها مش خايفة رغم ان كل نبرات صوتها وحركات عينيها بتنطق بالخوف والقلق

شكرا على النقد الجميل
;)

sousou said...

عندك حق يا بابى بلو, سماح أنور أدائها رائع جدأ , لكن تعالى بقى لباقى الممثلين و هم بيمثلو المونولوج ده , يعنى الفيشاوى مثلا , ما كنش ليه أى لازمة لما وضح دور عمرو , لكن بمجرد أداؤه للمساج قدرنا نلاحظ الفرق بين التواصل اللى موجود بين عمرو و جميل راتب و مفتقد تماما بين يوسف و جميل راتب...دايما دايما بحس ان التعبير بالكلام المباشر مش أصدق حاجة لو كانت الصورة من أهم أدواتى ...زى السينما كدة
معلش حطيت نفسى مكان المخرج و بقى ليا أدوات كمان :)))